شفيق نخلة.. مهندس مصري عشق جمع العملات المصرية وجذبه بريقها منذ كان عمره ست سنوات شعر بشيء قوي يربطه بها, فلم يترك مكانا في العالم إلا وبحث فيه عن العملة ودفعته هذه الهواية إلي القراءة والبحث عن كل جديد فيها ولأنه يشعر بأنها بمثابة عائلته التي لا يستطيع الاستغناء عنها صنع لكل منها ملفا يضم كل تاريخها والمعلومات الخاصة بها ويعترف بأن هواية جمع العملات ساعدته علي التأمل كثيرا في حياته واكتشاف أمور كان من الصعب عليه أن يعرفها. وخلال حوارنا معه نحاول اكتشاف المزيد من العملات.
* متي بدأ اهتمامك بجمع العملات؟منذ أكثر من65 عاما عندما كان عمري ست سنوات كان أهلي يعطونني قرشين كل يوم ولفت نظري مدي لمعانهما وجمالهما فكنت أحتفظ بهما في كراسة الدرس وبمرور الوقت أدركت أمي أنني لا أنفق المصروف اليومي فأخبرت والدي بذلك وعندما سألني عن ماذا أفعل بمصروفي اليومي؟ أخبرته أنني أحتفظ بهما لأنني أستخسر أن أنفقهما, لأنني أراهما قطعة فنية جميلة يجب الحفاظ عليها, ومن وقتها بدأ والدي ينمي بداخلي هذه الهواية ويدعمني وأذكر أنه منحني خمسة قروش ثم عشرة قروش وكان ذلك في عصر الملك فاروق في الأربعينيات وبدأ يعلمني الفرق بين القرش والمليم ونصف المليم وهي عملات كانت تتداول في ذلك الوقت وأخبرني أن هناك أنواعا أخري من العملات مصنوعة من الورق ومنحني بعضا منها, وانتشر الخبر بين عائلتي فتحولت جميع هداياي في المناسبات المختلفة إلي عملات مصرية, وأذكر أن أكبر هدية مادية حصلت عليها كانت فئة الـ25 قرشا.. وكنت أحرص علي أن أحتفظ بالعملات الجديدة حتي تظل كما هي جميلة ونظيفة.
* كيف استطعت تنمية هذه الهواية؟عندما بلغت سن الثالثة عشر انتقلت أنا وأسرتي إلي القاهرة وبدأت أبحث عن الهواة أمثالي فعلمت أن هناك أنواعا كثيرة منهم جامعي الطوابع والأنتيكات والصور الفوتوغرافية والقطع النادرة وغيرها فتعرفت علي الكثير منها وعن طريقها وصلت إلي هواة جمع العملة, وكان والدي دائما بصحبتي ويساعدني علي شراء العملات النادرة من التجار في الأسواق المختلفة ومن جامعي العملات, وعندما تخرجت في كلية الهندسة تعرفت إلي مجدي حنفي وطه محمد وهما خبيران في العملات ولديهما الكثير من الكتب الخاصة بالعملات وتاريخها وكيفية دراستها والتفرقة بينها, ومن خلالهما تعلمت الكثير من الخبرات التي دعمت بها هذه الهواية, كذلك استعنت بالجرائد والمجلات فأنا أقرأ كل الصحف واحتفظ بكل ما يخص العملة من أخبار لأنها تحتوي علي معلومات كثيرة ومهمة جدا بالنسبة لي.
* ما هوية العملات النادرة التي تمتلكها؟أملك أول مائة جنيه بدأ تداولها في مصر عام1945, وخمسة قروش مدونا علي أحد وجهيها إمضاء الوزير محيي الدين الغريب والوجه الآخر عليه إمضاء الوزير صلاح حامد وعملة بدون أرقام أو إمضاء وأخري بها رقمان مختلفان ولدي عملات الملك فاروق الخاصة ذات الأرقام المميزة وجنيها لإمضاءات مختلفة لأول يوم تولي فيه فاروق العقدة منصب محافظ البنك المركزي حيث استبدل إمضاءه بآخر نظرا لصعوبة قراءته.
* من أين تحصل علي هذه العملات؟من أصدقائي الهواة والبائعين في الأسواق المختلفة ومجلة فوتكس الشهرية وهي متخصصة في جمع العملات وبيعها, فهم يرسلون إلي دائما عن كل جديد لديهم كذلك المزادات والكثير من أصدقائي الذين يحرصون علي إهدائي العملات النادرة والمميزة في المناسبات المختلفة, كما أنني حريص علي زيارة دار سك العملة بصورة مستمرة حتي أستعلم عن كل جديد لديهم وأنا لا أكتفي بجمع العملات من مصر فقط بل أحرص علي البحث عنها في كل بلد أزوره , والغريب أنني وجدت في الكثير من الدول الأوروبية عملات لم أجدها في مصر خصوصا في إسبانيا وواشنطن بأمريكا وأصبح لي أصدقاء هناك يرسلون لي عن كل جديد لديهم لأشتريه , كذلك أهتم بكل ماجاء بالصحف والمجلات عن العملات وأحتفظ بها وأصنع لها ملفا خاصا.
* علي أي أساس تقتني العملات؟أول ما يلفت نظري عندما أمسك بالعملة هو مدي قدمها , لأنني أهتم بجمع لعملات التاريخية كذلك أبحث عن إمضاء محافظ البنك المركزي أو وزير المالية فأنا أملك إمضاء21 محافظ بنك مركزي بداية من السير الوين بالمر أول محافظ للبنك المركزي عام1898 وحتي فاروق العقدة , كذلك رقم العملة خصوصا الأرقام المميزة وأمر آخر يطلق عليه الإحلال فأثناء طباعة الأوراق المالية تظهر بعض الأوراق المعيبة غير المطابقة للمواصفات الفنية فيتم استبعادها واستبدالها بأوراق أخري معدة مسبقا تسمي أوراق الإحلال توضع مكان الأوراق التالفة لملء الفجوات الناتجة عن استبعادها ويضعون علي قمة يسار العملة أرقاما مميزة تبدأ برقم100 وتنتهي برقم600 وأنا أملك أول جنيه إحلال في مصر عام1971 وأهتم بوضع كل نوع في ملف مختلف عن الآخر موضح به الخصائص والمميزات, ولدي ملف خاص بي جدا يحتوي العملات التي تضم تواريخ ميلاد زوجتي وابنتي وباقي أفراد عائلتي , كذلك هناك ملف أجمع به بعض العملات التالفة التي لا تصلح للتداول نظرا لوجود أخطاء بها عند طباعتها.
* هذه الهواية الغريبة هل لها مردود خاص في نفسك؟رغم أن دراستي بعيدة تماما عن مجال هوايتي , فإنها ساعدتني علي تأمل كل شيء والمحافظة علي كل ما أملك فالعملة شيء نتداوله طوال24 ساعة في حياتنا اليومية ونتعامل معها علي أنها قيمة مادية بعيدا عن قيمتها الفنية وهو ما دفعني إلي النظر في كل ما يوجد حولي وتأمله .
* ما أعلي عملة اشتريتها؟في الستينيات اشتريت العملات الخاصة بالملك فاروق بمبلغ100 جنيه , وفي السبعينيات دفعت300 جنيه لشراء عملة فئة العشرة قروش لأنها مميزة جدا بلا رقم أو إمضاء .
* وعملة لم تستطع شراءها؟جنيه الجملين هو أول جنيه ظهر في مصر ففي عام1961 علمت بوجوده عند أحد الهواة في مدينة طنطا فسافرت إليه لمشاهدته وشرائه فطلب مني6 آلاف جنيه , وقتها لم أكن أملك هذا المبلغ فعدت إلي منزلي وطلبت من والدي أن يمنحني إياه لشراء هذه العملة فرفض رفضا قاطعا معللا أنها تساوي ثمن عمارة في وقتها , وحاليا وصل سعرها إلي أكثر من350 ألف جنيه ومن الصعب الحصول عليها نظرا لندرتها.
* ألم تفكر في بيع هذه العملات؟لا أسمح لنفسي حتي بالتفكير في ذلك لأنني أشعر وكأنها عائلتي التي أهتم بها وأستمتع معها بأحلي أوقات حياتي فهي تمثل لي ثروة لا تقدر بثمن , لذلك أحرص علي التأمين الدائم عليها وأسعي إلي تذكية هذه الهواية لدي حفيدتي نور والتي أعتقد أنها عندما تكبر وتري هذا الإرث الذي تركه لها جدها ستسعد كثيرا به لأنه عندي غال جدا مثل حياتي .
* ألم تفكر في جمع عملات لبلدان أخري غير العملة المصرية؟
هوايتي الأولي كانت جمع العملات المصرية وحاليا بدأت أجمع العملات العربية وعملات المناسبات الإصدارات التذكارية الفضية فئة الجنيه والخمسة جنيهات منذ عام1968, وهذه النوعية أحصل عليها من سك العملة في المناسبات المختلفة, ولدي هواية أخري هي جمع المكاوي قديمها وحديثها وأيضا علب السجائر.
----------------------------------------------------------
المصدر - شاهيناز العقباوي - الأهرام العربي - مصر