تعد حكاية صدور الجنيه المصري الموضح بالصورة عام 1924م من أغرب حكايات التاريخ الإقتصادي المصري، التي تحكى صفحة من تاريخ مصرنا الحبيبة، فهي تظهر لكم كيف يتعامل حكام مصر مع شعبها بأستخفاف، أستقبل الجميع وقتها تلك الصورة المطبوعة عليه بدهشة بالغة ولم يستطع أحد التعرف عليها لغربتها.
فقد كان على الجنيه المصري صورة شخص غريب لا يعرفه أحد، صورة "فلاح مصري" لونه يحمل سمرة الجنوب ولحيته يخالطها الشيب وتغطي الجزء الأكبر من وجهه بينما تغطي التجاعيد الجزء المتبقي، وعلى رأسه عمامة، وفي عينيه نظرة رضا وسكينة، وهذا ماجعل الناس يتساءلون عن ذلك الشخص من يكون ولما وضعت صورته علي تلك العملة التي طالما يوضع عليها صور الملوك والسلاطين، فأعتقد الجميع أنها صورة الفلاح المصري الذي طالما وهب حياته لهذا الوادي ، وأن هذا اعتراف متأخر بالجميل لهذا الفلاح، لكن الأمر كان أبعد ما يكون عن ذلك!!!
إدريس أفندي الأقصرى
فصاحب الصورة أسمه "إدريس" وتم وضع صورته على الجنيه المصرى لأغرب سبب يمكن أن يخطر على بال، فقد كان إدريس الاقصري يعمل في معية الامير فؤاد ( السلطان فؤاد فيما بعد ثم الملك ) وقال له ذات يوم ( أبشر لقد حلمت بأنك ستكون ملك مصر وستجلس على العرش )، هنا نهض "الأمير فؤاد" وضحك ووعد إدريس خيرا أن تحقق حلمه، وكان حلما بعيد المنال، فقد كان الانجليز وراء الكواليس يبحثون عمن يولونه عرش مصر ويدير دفة الحكم لصالحهم ووجدوا في فؤاد ضالتهم فهو الوحيد من وجه نظرهم الذي يمكن أن يخدم إمبراطوريتهم ويحركونه كما يشاءون ، فنصبوه سلطانا على مصر ثم ملكا عليها وجعلوا الملك وراثيا في أسرته.
وتحقق حلم "إدريس أفندي الأقصرى"، وكافأه "الملك فؤاد" أعظم مكافأة حيث وضع صورته على أول جنيه مصري من العملة الورقية يطبع باسم المملكة، ففى يوم 4 يوليو 1924 صدر أول جنيه مصري عن الدولة المصرية المستقلة شكلياً وهو يحمل صورة "إدريس بك الاقصرى"، ليعرف بعد ذلك بجنيه "إدريس أفندي" وهو يعد من أندر العملات في مصر والعالم، وزيادة على ذلك التخليد منحه لقب الباكوية وأصبح "إدريس بك"، وقد عاش طويلاً حتى شهد سقوط أسرة محمد على والملكية نفسها.
------------- منقول -----------